يعتبر “الطهو الفارسي” فناً كما أن الطعام الايراني هو المنتج المستحق بشكل جيد لهذه العملية الفنية. إنه عمل ساحر من خلط وطهو المكونات الملونة مع لمسة من الأعشاب والنكهات السحرية، مكونات خاصة بالفرس إما لأنها أصلاً من بلاد فارس مثل الفستق الحلبي واللوز والزعفران والنعناع والبرتقال والعنب والرمان أو تم جلبها إلى هذه الأرض من بلدان مختلفة.
إيران هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تعرف باسم “بلد الأربع فصول” التي توجد فيها أربعة مواسم منفصلة ومتمايزة، وكلها تصل في الوقت الذي من المفترض أن تصل فيه مع المناخ المتنوع وليس فقط الذي يقتصر على الصحراء قد أصبح من الممكن زراعة جميع أنواع المواد الغذائية، بالإضافة إلى ذلك اشتهر الفرس بمهاراتهم الهندسية الذكية وإدارة المياه، لذلك تمكنوا من نقل المياه وتحويل الأراضي القاحلة إلى واحات خصبة عن طريق المياه الجوفية خلال العصور القديمة.
لدى إيران دائماً هويتها الغذائية المستقلة والبارزة، ومع ذلك فهي مدينة بجزء من مجالها الواسع من الأغذية إلى موقعها الجغرافي في وسط طريق الحرير بجوار تركيا وأفغانستان وباكستان والاتحاد السوفيتي السابق والدول العربية، كما لعبت العديد من الحوادث التاريخية مثل غزو الإسكندر الأكبر للإمبراطورية الفارسية وغزو العرب والأتراك والمغول والأوزبك دوراً هاماً في إدخال الأطعمة والوصفات الأجنبية إلى الطعام الايراني.
الأرز هو أحد المكونات الرئيسية للأطباق الرئيسية الفارسية جنباً إلى جنب مع اللحوم والخضروات المختلفة والفواكه مثل البرقوق والرمان والزبيب والسفرجل والمشمش والخوخ المجفف، وفن الطهي الفارسي يضم خلط واستخدام نكهات مختلفة مثل الزعفران (الذي يطلق عليه الإيرانيون اسم الذهب الأحمر) والقرفة والكركم والبقدونس والليمون المجفف وغيرها من المكونات ذات النكهة الحامضة في أطباقهم.
أنواع الطعام الايراني هي مزيج مثالي من المكونات والأعشاب والبهارات مع لمسة من الوقت والصبر، ينتج هذا الفن الرائع مختلف المذاقات الفريدة التي معظمها غير مألوف للغرب، نخصص هذه المقالة لثمانية أطعمة ومأكولات فارسية وهي أقرب قليلاً من القلب إلى من الأطعمة الأخرى، يمكنك تجربتها في المرة القادمة التي تزور فيها إيران، ويمكنك أيضاً العثور عليها في قوائم المطاعم الإيرانية في جميع أنحاء العالم.
على الرغم من التنوع الغذائي الكبير في إيران لم تغلق البلاد أبوابها أبداً أمام مأكولات الثقافات الأخرى، فعند مرورك في أحد شوارع طهران سترى العديد من مطاعم الوجبات السريعة التي تقدم أنواعاً مختلفة من الأطعمة الغربية بما في ذلك البيتزا والبرغر والمعكرونة واللازانيا وغيرها.
هناك أيضاً مطاعم في إيران تقدم أطعمة من شرق آسيا بما في ذلك المطاعم الصينية واليابانية، لذلك فإنك كسائح لن تواجه مشاكل بشأن خيارات الطعام.
متِّع براعم تذوقك بهذه الأطعمة الإيرانية الثمانية الشهيرة
1) حساء الجوز والرمان (الاسم الفارسي: خورشت فسنجان)
هذا الحساء مصنوع من الجوز مع الدجاج أو البط ومغطس بدبس الرمان، يعتبر هذا الطبق جزءاً أساسياً من كل تجمع وعرس فارسي، وهو الأقرب إلى قلب العديد من الناس. واحدة من الطرق القليلة لإعداد هذا الطبق هي طهي الدجاج أو البط مع البصل وإضافة الجوز ودبس الرمان إلى الدجاج.
يتم ترك الفسنجان على النار حتى يخرج الزيت من الجوز على سطح الحساء، وعند حدوث ذلك فهذا يعني أن الحساء قد تم طهوه بما فيه الكفاية وأنه جاهز للتقديم، يتم تقديم هذا الطبق إلى جانب أرز الزعفران، هناك حقيقة تاريخية مثيرة للاهتمام حول هذا الطعام الايراني هي أنه وفقاً للألواح الحجرية المنقوشة التي يعود تاريخها إلى 515 قبل الميلاد فإن تاريخ هذا الطبق يعود إلى العصور القديمة للإمبراطورية الفارسية خلال العصر الأخمينية.
2) الحساء العشبي الأخضر (الاسم الفارسي: خورشت قورمه سبزي)
حساء قورمه سبزي مصنوع من حبوب الفاصولياء الحمراء والأعشاب ولحم الضأن والخضار الورقية مثل البقدونس والكزبرة والكراث، يتم طهو الفاصوليا واللحوم بشكل منفصل، وتوضع الأعشاب والخضروات المورقة في مقلاة منفصلة ثم تخلط مع بعضها البعض، أوراق الحلبة هي بطريقة أو بأخرى تمثل شخصية هذا الطعام والتي تعطي الطبق أيضاً رائحة خاصة.
ولإضفاء نكهة الحامض فإنه يتم إشباع القورمه سبزي بعصير الحصرم والليمون الحامض المجفف، إلى جانب هذه التركيبة الحامضة الرائعة يتم تقديم الأرز بالزعفران، الخضار ذات الأوراق (طبق من الأعشاب الطازجة) والسلطة الشيرازية تلائم هذا الطبق تماماً.
3) السلطة الشيرازية (الاسم الفارسي: سلاد شيرازي)
يتكون طبق المقبلات الشهير والتقليدي هذا من الخيار والطماطم والبصل المفرومة بشكل ناعم، عادةً ما يتم تقطيع الطماطم إلى النقطة التي تصبح فيها بذورها ومياهها جزءاً من صلصة السلطة، وتتكون الصلصة بشكل أساسي من زيت زيتون ممزوج إما مع عصير الحصرم أو خل العنب أو عصير الليمون، يضيفون الصلصة بعد تقطيع المكونات كما يضيفون أوراق النعناع المجففة إلى المزيج ويتركوه لفترة قبل التقديم حتى يتم امتصاص الصلصة بشكل جميل.
إن خاصية الدفء لأوراق النعناع المجففة والمجردة تعادل خاصية التبريد للخيار، يتم تقديم سلطة شيرازي بشكل رئيسي مع الأطعمة الإيرانية مثل لوبيا بلو وكوتلت ورز بالعدس (عدس بلو).
4) ته تشين
قد يكون السياح الذين سافروا إلى إيران آلفوا هذا الاسم، حيث أن أحد المطاعم الشهيرة في السوق الكبير بطهران مشهور بشكل خاص بتقديمه لهذا الطعام الايراني المعروف، وهي مصنوعة من الدجاج المطبوخ منزوع الدهن والأرز والزعفران وصفار البيض واللبن الزبادي السميك أو الكامل الدسم والزبدة (الزيت) والبرقوق. يتم تقديم هذا الطبق إما كطبق رئيسي أو طبق جانبي، وعندما يتم تقديمه كطبق جانبي فإن يتم طهو ته-تشين دون الدجاج ويكون عندئذ شبيهاً بـ “ته-ديج” ولكنه أكثر سمكاً (ته-ديج: أرز محمر في قاع وعاء الأرز)، وفي هذه الحالة بالذات يتم تقديمه إلى جانب أنواع مختلفة من الحساء مثل حساء الباذنجان (الفارسي: خورشت بادمجان).
يُنقع الدجاج المطبوخ في صفار البيض واللبن والزعفران المخمر والزبدة (الزيت) ويترك هذا الخليط طوال الليل، في وقت التحضير يخلط الأرز المسلوق مع باقي خليط اللبن ويوضع في وعاء من النحاس مع خليط الدجاج ثم يوضع في الفرن في حرارة معتدلة لمدة ساعة ونصف الساعة، وكلما طال وقت طهوها في درجات حرارة منخفضة سوف تكون أكثر رطوبة في النهاية، ترش حبات البرقوق (زرشك) على ته-تشين وعندها يكون جاهزاً للتقديم.
5) الأرز بالبرقوق (الاسم الفارسي: زرشك بلو)
في المطبخ الفارسي يتم طهو الأرز بطرق مختلفة، الطريقة الأكثر شيوعاً لطبخ الأرز هي غليه وتركه بعد طهيه بالكامل، يتم خلط الزعفران المُخمر بشكل منفصل مع قليل من الأرز، وينشر على بقية الأرز على الطبق قبل تقديمه، هذا هو الحال تماماً مع الأرز باليرقوق (زرشك بلو)، بعد ذلك يتم الانتهاء من اللمسات النهائية من الطعم والديكور أثناء التقديم من خلال نشر حفنة من البرقوق المقلي بالزيت على الأرز.
يتم تقديم زرشك بلو في كثير من الأحيان إلى جانب الدجاج المطبوخ ببساطة، يضاف الزعفران إلى الدجاج المطبوخ عندما يكون على النار، من الضروري عدم وضع الغطاء بعد إضافة الزعفران لأن الدجاج سيفقد لونه الزعفراني.
6) الأزر المطبوخ بالفاصولياء (الاسم الفارسي: لوبيا بلو)
هناك طريقة أخرى لطهو الأرز في المطبخ الفارسي هي مزجه مع الأعشاب المختلفة والخضراوات واللحوم والفاصولياء والمكسرات والفواكه المجففة (الزبيب) والحبوب البرتقالية والمعكرونة الرقيقة (بالفارسية: رشته)، في الفارسية يدعون الأرز المطبوخ باسم “بلو”، وعادةً ما يتم تقديم “بلو” بشكل مستقل، غالبًا ما يتم تقديم لوبيا بلو كأحد الأعضاء المشهورة في هذه المجموعة مع السلطة الشيرازية التقليدية حيث يبدو أن هذين الطبقين شقيقان لا ينفصلان.
يتم قلي اللحم والفاصوليا الخضراء المفرومة بشكل ناعم في مقلاة منفصلة ويخلطان مع معجون الطماطم ثم توضع طبقة من خبز لافاش أو شرائح البطاطا الرقيقة في قاع وعاء الأرز على طبقة رقيقة من الزيت الساخن وهذا ما يسمى بـ “ته-ديج”، يتم غلي الأرز حتى ينضج ثم يتم وضعه مع خليط اللحم على شكل طبقات فوق طبقة الـ “ته-ديج”.
تستخدم التوابل المختلفة بما في ذلك القرفة في طهي هذا الطبق مما يجعلها عطرية بشكل لا يصدق، هذه التوابل هي خاصة لهذا الطعام الايراني وتضاف إلى طبقات الأرز مع اللحم والفاصولياء الخضراء، ثم يغطى الوعاء ويترك على نار متوسطة حتى ينضج تماماً.
7) آش رشته
تشتهر المعكرونة الفارسية وحساء الفاصولياء حتى بين الأجانب والمسافرين وخاصةً إذا كانوا قد سافروا إلى إيران خلال عيد النوروز (رأس السنة الفارسية) والأيام الباردة من الخريف والشتاء، وهي وجبة كاملة بشكل خاص فهي تحتوي على حبوب الفاصولياء والعدس والخضار الورقية والبازلاء، ويوضع فوقها زيت النعناع والبصل المقرمش ومصل اللبن الحامض (بالفارسي: كشك).
كما يتم طهو هذا الحساء تقليدياً كنذر وهو طريقة لشكر الله على الاستجابة لصلواتهم مثل المريض عند شفائه أو قبول شخص في الجامعة أو حل مشكلة ما.
8) المربى (الاسم الفارسي: مربا)
لا تكتمل أية طاولة إفطار إيرانية بدون تواجد المربى، ويصنع المربى من مجموعة واسعة من الفواكه والخضروات مثل الفراولة والكرز والكرز الحامض (آلبالو) والخوخ والكمثرى والسفرجل والتين والجزر وقشور البرتقال والليمون وحتى بتلات الجوري الشامي، يتم تغطية هذه المكونات بطبقات من السكر وتترك منقوعة بضع ساعات قبل الطهو.
بغض النظر عن دور المربى التزيني فإنه بمثابة حلاوة على مائدة الإفطار ووجبة حلوى يختم بها الغداء والعشاء، قد تكون هناك مربيات مختلفة على الطاولة لذا جهز نفسك لتكون مسحوراً بها بالنظر والطعم.